روائع مختارة | قطوف إيمانية | في رحاب القرآن الكريم | معاني النسخ في اللغة والشريعة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > في رحاب القرآن الكريم > معاني النسخ في اللغة والشريعة


  معاني النسخ في اللغة والشريعة
     عدد مرات المشاهدة: 1850        عدد مرات الإرسال: 0

النسخ في اللغة على معنيين:

=الأول: الرفع والإزالة، يقال: نسخت الشمس الظل إذا رفعت ظل الغداة بطلوعها وخلفه ضوؤها، ومنه قوله تعالى: {فينسخ الله ما يلقي الشيطان} [الحج:52].

=والثاني: تصوير مثل المكتوب في محل آخر، يقولون: نسخت الكتاب، ومنه قوله تعالى: {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون}  [الجاثية:29].

وإذا أطلق النسخ في الشريعة أريد به المعنى الأول، لأنه رفع الحكم الذي ثبت تكليفه للعباد إما بإسقاطه إلى غير بدل أو إلى بدل.

وقال شيخنا علي بن عبيد الله: الخطاب في التكليف على ضربين: أمر، ونهي، فالأمر إستدعاء الفعل، والنهي إستدعاء الترك.

[] وإستدعاء الفعل يقع على ثلاثة أضرب:

* الضرب الأول: ما يكون على سبيل الإلزام والإنحتام إما بكونه فرضاً أو واجباً، ونسخ ذلك يقع على ثلاثة أوجه: -الأول: أن يخرج من الوجوب إلى المنع، مثل ما كان التوجه إلى بيت المقدس واجبا ثم نسخ بالمنع منه.

-والثاني: أن ينسخ من الوجوب إلى الإستحباب مثل نسخ وجوب الوضوء لكل صلاة، إلى أن جعل مستحباً.

-والثالث: أن ينسخ من الوجوب إلى الإباحة مثل نسخ وجوب الوضوء مما غيرت النار إلى الجواز، فصار الوضوء منه جائزاً.

* والضرب الثاني: إستدعاء على سبيل الإستحباب، فهذا ينتقل إلى ثلاثة أوجه أيضا:

الأول: أن ينتقل من الإستحباب إلى الوجوب، وذلك مثل الصوم في رمضان كان مستحبا فإن تركه وإفتدى جاز، ثم نسخ ذلك بإنحتامه في حق الصحيح المقيم.

والثاني: أن ينسخ من الإستحباب إلى التحريم، مثل نسخ اللطف بالمشركين وقول الحسنى لهم، فإنه نسخ بالأمر بقتالهم.

والثالث: أن ينسخ من الإستحباب إلى الإباحة، مثل نسخ إستحباب الوصية للوالدين بالإباحة.

* والضرب الثالث: المباح وقد إختلف العلماء، هل هو مأمور به، والصحيح أنه مأذون فيه غير مأمور به، ويجوز أن يدخله النسخ عن وجه واحد وهو النسخ إلى التحريم، مثاله: أن الخمر مباحة ثم حرمت، وأما نسخ الإباحة إلى الكراهة، فلا يوجد، لأنه لا تناقض، فأما إنتقال المباح إلى كونه واجبا فليس بنسخ، لأن إيجاب المباح إبقاء تكليف لا نسخ.

[] وأما القسم الثاني من الخطاب: وهو النهي: فهو يقع على ضربين: الأول: على سبيل التحريم، فهذا قد ينسخ بالإباحة، مثل تحريم الأكل على الصائم في الليل بعد النوم والجماع.

والثاني: على سبيل الكراهة، لم يذكر له مثال.

فصل فأما الأخبار فهي على ضربين:

الأول: ما كان لفظه لفظ الخبر، ومعناه معنى الأمر، كقوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون}  [الواقعة:79] فهذا لاحق بخطاب التكليف في جواز النسخ عليه.

والثاني: الخبر الخالص، فلا يجوز عليه، لأنه يؤدي إلى الكذب وذلك محال، وقد حكى جواز ذلك عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، والسدي، وليس بشيء يعول عليه، وقال أبو جعفر النحاس، وهذا القول عظيم جدا يئول إلى الكفر، لأن قائلا لو قال: قام فلان، ثم قال: لم يقم، فقال: نسخته، لكان كاذبا.

وقال ابن عقيل: الأخبار لا يدخلها النسخ، لأن نسخ الأخبار كذب، وحوشي القرآن من ذلك.

فصل وقد زعم قوم: أن المستثنى ناسخ لما إستثني منه، وليس هذا بكلام من يعرف ما يقول، لأن الإستثناء إخراج بعض ما شمله اللفظ، وليس ذلك بنسخ، وكذلك التخصيص، وقد يجوزه بعض السلف، فيقول: هذه الآية نسخت هذه الآية. أي: نزلت بنسخها.

المصدر: نواسخ القرآن لابن الجوزي.